الأحد، 14 أغسطس 2011

كثرة طلاق الإمام الحسن المجتبى عليه السلام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، و صلى الله على سيدنا و نبينا محمد و آله الطيبين الطاهرين
لقد ألف السيد عبد الله السيد هاشم العلي كتاب قيم حول  قضية كثرة طلاق الإمام الحسن المجتبى عليه السلام من 
الجانب : 1-العقائدي    2-الأخلاقي     3-التاريخي       4-الوثائقي
***و قد تحدث في البداية عن مقدمة(تمهيد) جدا قيمة سأتحدث عنها في موضوع لاحق خاص
***وكذلك تكلم عن تاريخ تشريع الطلاق والمهم في كلامه :
                                    أن الطلاق قد سبق شريعة الإسلام وقد منحت الرجل حق الطلاق
فمثلا : حضارات العراق (السومرية و البابلية و الأشوريين)
وكذا شريعة حمو رابي  وقد فرق بين تقصير الزوج و تقصير الزوجة بل أعظم إذا قصرت يحكم عليها بالإعدام 
و كذلك قدماء المصريين وكذلك الهنود القديمة  – اليونانيون - الرومان
وكذلك شريعة اليهود لكنهم اختلفوا في تحديد أسبابه فمنهم اقتصر على خيانة الزوجة ومنهم خولوا الرجل لكل سبب يراه
أما المسيحيون فقد شددوا في منع الرجل أن يطلق زوجته بل أكثر أن الذي يطلق زوجته و يتزوج بأخرى فهو يزني و كذلك إذا المرأة طلقت من زوجها و تزوجت من آخر فهي زانية  إلا مع مرور الزمن سمحت الكنيسة بانفصال الزوجين بسبب الزنا أو الارتداد
أما العرب قبل الإسلام فقد عرفوا الطلاق و منحوا الزوج الحرية التامة و إيقاعه متى شاء و لأي سبب كان بل بعض القبائل منحوا للزوجة كذلك
أما شريعتنا المقدسة فتكفيك جملة :"أنه أبغض الحلال عند الله" وما في هذه المشكلة من ورائه من  مآس عاطفية – نفسية
وكذلك اجتماعية و مشكلة الأطفال
قال أبو عبد الله الصادق عليه السلام : إن الله يحب البيت الذي فيه العرس و يبغض البيت الذي فيه الطلاق
و في الحديث :" تزوجوا و لا تطلقوا ، فإن الطلاق يهتز منه العرش
و الخلاصة أن الطلاق  معروف عند الأمم السابقة و الأهم أنها مجمعة على شدة كراهية الطلاق و إن اختلفت أسبابه و طريقة استخدامه و السؤال :
كيف ينسب هذا الأمر إلى سبط رسول الله مولانا الإمام الحسن المجتبى عليه السلام ذاك الإمام الذي يعرف بالأخلاق العالية و الشيم العالية  ، و هو الذي يعرف بأنه مولود "السنة " لما فعل رسول الله صلى الله عليه و آله بمراسيم الولادة من أنه : أذن في أنه اليمنى وأقام في اليسرى – و تسميته (حسن)جاءت من الرب تعالى – و في اليوم السابع من ولادته أمر النبي بعقيقة وحلق رأسه و تصدق بوزنه فضة – و طلاه بالخلوق وهو نوع من الطيب
وهذه العناية ليست من إنسان عادي حتى يقال تعليم و تشريع
**ثم حياته عليه السلام فمن الجانب العبادي أنه إذا توضأ ترتعد فرائصه و يصفر لونه ، و أنه حج خمس و عشرين حجة ماشيا ن و أنه قاسم الله تعالى ماله و جميع ما يملك مرتين ، حتى نعله فقد أعطى واحدة وأمسك الأخرى
و من جانب السخاء و الكرم الذي يعد من عناصر ذاته و هو القائل : إن الله عودني عادة أن يفيض نعمه علي و عودته أن أفيض نعمه على الناس
أما زهده فقد رفض الإمام كل أشكال مباهج الحياة و قناعته بالقليل
و ما  تعتقده الشيعة من إمامته عليه السلام و عصمته من الزلل و الخطأ و هذا يؤدي على الوثوق بكلامه و أفعاله
و كذلك يكون أفضل أهل زمانه و أقربهم إلى الله تعالى و هو الجامع لصفات الخير و أعلمهم بكتاب الله و سنة جده
و هذا ما دلت عليه الآيات و الروايات من أمثال :
آية التطهير – آية المباهلة  - آية المودة
ومن الروايات قوله صلى الله عليه و آله للحسن عليه السلام : هذا مني و أنا منه ، و هو يحرم عليه ما يحرم علي
و الكثير من الروايات الموجودة في كتب الحديث تبين شأن الإمام الصادرة من جده المصطفى الذي لا ينطق عن الهوى و الذي أمرنا الله تعالى بالاقتداء به
فنسأل : كيف يقوم الإمام بهذا المكروه المزري فإما أن يكون الإمام جاهلا و العياذ بالله تعالى و مبغوضيته الشديدة لما عرفت من علمه بكراهية الطلاق 
أو أن الإمام عليه السلام كان لا يبدي اهتماما و هذا محال لما عرفت من جوانب شخصيته
ثم الروايات التي تناقلت كثرة طلاق الإمام عليه السلام كلها أخبار آحاد لا حجية لها ( لأن أخبار الآحاد تقبل في المسائل الفرعية أما العقيدة فلا تقبل خصوصا ما تمس مقام الإمامة )
كما هو المعلوم عند الجميع أن الطلاق من الناحية الأخلاقية صدمة عاطفية و اضطراب انفعالي فمن ناحية الزوج و هو الإمام فأخلاقه رفيعة و لا يمكن أن يتسبب في إيذاء هؤلاء النسوة
و إذا قلنا بأن الطلاق كان من النسوة لأنهن لم ينسجمن مع الإمام و كيفية معيشته و هذا محال خصوصا إذا عرفنا أن عدد مطلقاته 300مطلقة فهذا العدد الضخم من النسوة كيف لم ينسجم مع الإمام و لم يستطع التعايش معه بل كيف لم يتفق هذا الأمر مع زوجات بقية الأئمة أو مع زوجات المسلمين
وهناك من يبرر كثرة الطلاق و أسموه بالطلاق المصلحي و أنه لا معارض بين سيرة الإمام وهديه ومن تلك المبررات :
1-      لتقوى شوكة الإمام بالمصاهرة و يشتد أزره على الأمويين
2-      أن أولياء أمور النسوة كانوا يعرضون بناتهم على الإمام لأجل التشرف و التقرب
3-      أنه لا مانع من كثرة التزويج فقد ندب الشارع المقدس إليه كثيرا و هذا لا يتحقق إلا بالطلاق لأنه لا يجوز للرجل أن يتزوج أكثر من أربع زوجات
4-      أن الإمام عليه السلام كان يطلق لطلبهن و لم يكن يطلقهن اعتباطا
5-       ( السيد آية الله العظمى محمد هادي الميلاني(ت1395هـ) يرى بصحة طلاق الإمام من زوجاته 300 ) أنه لا توجد رواية معتبرة تكون حجة شرعية على مبغوضية الطلاق ( أما رواية أبغض الحلال )أن الطلاق مبغوض إذا كان بدون رضا الزوجة 
لكن لا يمكن تقبل ذلك لأسباب :
1-      تضجر و نهي أمير المؤمنين عليه السلام ، و إذا كان الطلاق عند رغبتهن فلم يتضجر ؟؟؟؟
2-      أن الروايات التي تدل على أن الإمام كثير الزواج و الطلاق كانت تصوره على أنه رجل مذواق فإنه  مضطر للطلاق لتلبية رغبته لا لتلبية رغبة المطلقة
3-      أنه يفهم من بعض الروايات أن الإمام هو الذي يبدأ الطلاق بل من دون علمهن فضلا عن رغبتهن  كما في رواية : كان الحسن عليه السلام إذا أراد أن يطلق امرأة جلس إليها فقال : أيسرك أن أهب لك كذا و كذا فتقول له : ما شئت أو نعم فيقول : هو لك ، فإذا قام أرسل بالطلاق و بما سمى لها
4-      يفهم كذلك من بعض الروايات أن الإمام عليه السلام هو لا يريد أن يتخذ زوجة رسمية و دائمة له فروي أنه خطب بنت عبد الرحمن بن الحارث فاطرق عبد الرحمن  برأسه ثم رفعه و قال : والله ما على وجه الأرض من يمشي عليها أعز علي منك ، و لكنك تعلم أن ابنتي بضعة مني و أنت مطلاق ، فأخاف أن تطلقها ، و إن فعلت خشيت أن يتغير قلبي عليك لأنك بضعة من رسول الله ، فإن شرطت أن لا تطلقها ، زوجتك، فسكت الحسن وقام و خرج فسُمع منه يقول : ما أراد عبد الرحمن إلا أن يجعل ابنته طوقا في عنقي
و كذلك أن منظور بن ريان لما خطب الحسن ابنته فقال : إني لأنكحك و إني لأعلم أنك غلق طلق ملق غير أنك أكرم العرب و أكرمهم نفسا ، فولدت له الحسن المثنى
5-      و من الروايات الموضوعة أن الحسن تزوج امرأة  فبعث إليها 100جارية مع كل جارية 1000درهم وهذه الرواية تدل على إسراف الإمام ، و لقوله صلى الله عليه و آله (أفضل نساء أمتي أقلهن مهورا) و كذلك تزوج امرأتان جعفية و تميمية ، فطلقهما جميعا و بعثني إليهما ( الراوي الحسن بن سعيد عن أبيه) و قال : أخبرهما فليعتدا و أخبرني بما تقولان ، و متعهما كل واحدة عشرة الآف و كل واحدة بكذا وكذا من السمن و العسل ، فأتيت الجعفية فقلت اعتدي فتنفست الصعداء و قالت متاع قليل من حبيب مفارق و أما التميمية فلم تدري ما تقول حتى قال لها النساء فسكتت ، فأخبرته ما قالت الجعفية حتى قال عليه السلام لو كنت مراجعا لامرأة لراجعتها
و بهذا تعلم أن طلاق الإمام الحسن  لم يكن من اختيار زوجاته و أعداؤوه شنعوا عليه لهذا السبب  
**************
و من المنظور التاريخي فإن واقع كثرة طلاق الإمام تكذب الواقعة ، فإن أقصى ما ذكره المؤرخون أن عدد زوجاته كانت خمس عشرة امرأة هن :
1-      خولة بنت منظور الفزارية – وهي أم الحسن المثنى
2-      أم أسحاق بنت طلحة بن عبيد الله – وهي أم طلحة و الحسين الأثرم
3-      أم بشر أو بشير بنت مسعود عقبة الأنصاري – وهي أم زيد
4-      هند بنت سهيل بن عمرو
5-      حفصة بنت عبد الر حمن بن أبي بكر
6-      امرأة من ثقيف – و هي أم عمر
7-      امرأة من كلب
8-      امرأة من بنات علقمة بن زرارة
9-      جعدة بنت الأشعث ( قيل اسمها سكينة و قيل شعثاء و قيل عائشة و الأصح جعدة )
10-  امرأة من بني شيبان من آل همام  بن مرة
11-  بنت الشليل أخي جابر بن عبد الله البجلي – و هي أم عبد الله
12-  أم حبيب بنت عمرو بن أهتم المنقري
13-  أسماء ابنة عطارد بن حاجب التميمي
14-  بنت أبي عمير بن مأمون
15-  أم كلثوم بنت الفضل بن العباس
وكذلك لو لا حظنا عدد أولاد الإمام فإن التاريخ أحصاهم و عدهم فمنهم من قال :
أ‌-        12   (8ذكور و 4 إناث)
ب‌-    15   (10ذكور و 5 إناث)ذكرهم الشيخ المفيد في كتابه الأرشاد
ت‌-    15  (11ذكور و 4إناث) ذكرهم سبط بن الجوزي في كتابه تذكرة الخواص
ث‌-    16   (11ذكور و 5إناث) ذكرهم المقريزي المجدي في كتابه اتعاض الحنفا
ج‌-      17  (11ذكور و 6إناث) كتاب العمدة عن الموضح
ح‌-      19  (13ذكور و 6إناث) حياة الإمام الحسن للقرشي
خ‌-      20  (16ذكور و 4إناث) تذكرة الخواص للجوزي
د‌-       22  (17ذكور و 5إناث)ذكرهم الواقدي
ذ‌-       22  (14ذكور و 8إناث)الحدائق الوردية
ر‌-      14  (13ذكورو بنت واحدة) المناقب لابن شهراشوب  
ز‌-      15  (14ذكور و بنت واحدة)كشف الغمة
س‌-    12  (11ذكور و بنت واحدة ) نقل عن ابن الخشاب
ش‌-    17  (12ذكور و 5إناث)نقل عن الحافظ الجنانبري
حتى الأحفاد فقد اتفق المؤرخون أن انه لم يعقب أحد من أولاده سوى :
 1-زيد     2-الحسن المثنى    3-الحسين الأثرم       4- عمر
إلا أن الحسين و عمر انقرض نسلهما سريعا
*و أن المؤرخون ذكروا أن الإمام طلق فقط أربع لا أقل و لا أكثر وهن :
1- عائشة الخثعمية : تزوجها في حياة أبيه المرتضى عليه السلام 
وطلقها لأنها أظهرت الشماتة عندما قتل أمير المؤمنين
2- حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر
وهذه كانت يهواها المنذر بن الزبير فابلغ الإمام عنها شيئا فطلقها ، فلما خطبها المنذر رفضت وقالت : شهرني
3- امرأة من بني شيبان من آل همام بن مرة
طلقها لأنها ترى رأي الخوارج
4- أم كلثوم بنت الفضل بن العباس
طبعا فارقها الإمام و لم يذكر السبب فتزوجت أبو موسى الأشعري
هذه الروايات التي تدل على مفارقة الإمام لم تكن اعتباطا بل لأسباب و لأسباب عقلانية و تشخيصه الكريم
وهذا المنظور التاريخي يتبين لنا أكذوبة و الطعن في شخصية الإمام الذي يتناول كثرة طلاق الإمام  عليه السلام
***الجانب الوثائقي :
مجرد صحة السند لا يكفي في تصديق الرواية أو الكتاب المنقولة عنه إذا كانت تصطدم مع عقيدة أهل البيت  فضلا عن تلك الرواية المخدوشة في السند ، و كذلك لا يوجد عندنا كتاب صحيح ما عدا كتاب الله تعالى ، و لنرى الروايات و نناقشها
الرواية الأولى : في الكافي ، وسائل الشيعة ، بحار الأنوار
إن الحسن طلق خمسين امرأة فقام  أمير المؤمنين بالكوفة : لا تنكحوا الحسن فإنه رجل مطلاق ، فقام إليه رجل وقال : بلى والله لننكحنه فإنه ابن رسول الله وابن فاطمة ، فإن أعجبه امسك و إن كره طلق
ومناقشة الرواية :
1- وجود يحي بن أبي العلا في سندها وهو لم يرد فيه توثيق
2- ثم ما عرفت من مناقشتنا التاريخية
3- و ما عرفت من أخلاق الإمام عليه السلام
4- و هناك لو قبلنا الرواية نجد احتمالات :
أ‌)        أن الإمام لم يستجب و لم يعبأ بنهي أبيه و غير ملزم بالاستماع و يحذر المرتضى عليه السلام الناس من الوقوع في حبال الحسن
ب‌)    ان أمير المؤمنين صدر منه النهي ابتداء من دون أن يعلم الحسن مبغوضية فعله و كراهيته .
وهذان الاحتمالان بعيدان جدا أن الإمام عرف باخلاصه لأبيه و أنه من أهل البيت الذين أ ذهب الله عنهم الرجس
ثم أن الاحتمال الثاني كيف تصدر من صاحب الحكمة و يشـيع الأمر من دون أن يفهم ابنه مبغوضية الأمر
وهناك احتمال :
ربما يكون الأمر (الطلاق)جائز و لا بأس به و ربما لم يكن سائغ و هذان خطيران
لأنه لو كان سائغ فأمير المؤمنين نهيه ليس في محله و هو الموصوف بمدينة العلم
و ربما غير سائغ فكيف بالحسن يرتكب مخالفة  للشرع
ثم كيف يرفع الإمام عدد مطلقاته إلى سبعين وبعضهم مائتين وبعضهم أوصل العدد ألف امرأة
::   أذن الرواية ساقطة سندا و مضمونا
الرواية الثانية : وسائل الشيعة ، بحار الأنوار عن البرقي  في المحاسن
مضمون الرواية أن رجل جاء مستشيرا إلى أمير المؤمنين بأن الحسن و الحسين وعبد الله بن جعفر خطبوا واحدة  فقال عليه السلام : المستشار مؤتمن ، أما الحسن فإنه مطلاق للنساء و لكن زوجها الحسين فإنه خير لابنتك
في السند البرقي يروي عن الضعفاء و يعتمد المراسيل بل طعنوا عليه في معتقده وحيرته في الإمامة
لكن من ناحية المضمون نجد ما يلي :
1-      عبد الله بن جعفر كما تعرفون زوج العقيلة زينب عليها السلام فو كانت الرواية أنه طلب الزواج من غير العقيلة لكانت الرواية سليمة لكن نجد أن أمير المؤمنين تجاهل عبد الله فالمفترض لما بين أن الحسن لسبب لا يصلح للزواج لبين المنع من عبد الله
ثم ليسأل سائل بان عبد الله لا يمكننا أن نساويه بالحسنين لكن صحيح لكن هذا معلوم عند الأمير و ليست واضحة عند الرجل المستشير
وكذلك الأمير بإمكانه أن يأمر المستشير بتزويج ابنته للحسين من دون أن يوضح سبب المنع و الإمام كما نعرف أنه سيد البلغاء
ولسائل يقول : إن أمير المؤمنين أراد رفع التوهم عن الرجل المستشير و بأنه توجد عيوب في الحسن تمنع من تزويجه ، وهذا أيضا مردود لأسباب :
أما أن تكون كثرة طلاق الحسن معلومة لجميع الناس وهنا لم يضيف الأمير أي معلومة للرجل
وأما أن تكون مجهولة و عيب مستور وهذا ينقل لنا التاريخ أن هناك أناس عاديين طلقوا وسجلت فكيف بابن سيد المرسلين و قد عرف عنه أنه طلق خمسون و الكوفة لم تكن بالبلد الكبير
ومما يؤكد كذب هذه الرواية رواية أم خالد بنت جندل عندما رآها يزيد فهام بها وكانت عند   عبد الله بن عامر فشكا يزيد إلى أبيه فلما حضر عبد الله عند معاوية قال له : لقد عقدت لك على ولاية البصرة و لولا أن لك زوجة لزوجتك رملة (بنت معاوية) فمضى عبد الله فطلق أم خالد فأرسل معاوية أبا هريرة ليخطب أم خالد وبذل لها ما أرادت من الصداق ، فاطلع الإمام الحسن و أخيه الحسين و عبد الله بن جعفر فاختارت الحسن وفي رواية قالت لأبي هريرة اختر لي ، فاختار الحسن
ثم الرواية تقول أتى رجل مجهول و لم يبين نسبه مما يؤيد أن الرواية موضوعة من قبل أعداء أهل البيت عليهم السلام
الرواية الثالثة :   وسائل الشيعة- فروع الكافي
إن أمير المؤمنين قال و هو على المنبر: لا تزوجوا الحسن فإنه رجل مطلاق ، فقام رجل من همدان فقال : بلى والله لنزوجنه وهو ابن رسول الله وابن أمير المؤمنين فإن شاء أمسك و إن شاء طلق
هذه الرواية مشابهة تماما بالرواية الأولى مع اختلاف يسير
إلا أن هذه الرواية بينت من الرجل ، و استبدلت ابن فاطمة بابن أمير المؤمنين
لكن من جهة السند فيها:
1-      حميد بن زيد : رجل ثقة لكن من الواقفة ( أي الذين توقفوا عند إمامة الكاظم ) ولذلك قال العلامة الطوسي : أن رواياته مقبولة إذا خلت عن المعارض
2-      الحسن بن محمد بن سماعة : وهو رجل من الواقفة وثقة لكن ابن داوود (وهو من مشايخ علم  الر جال) و العلامة الطوسي عداه من الضعفاء،
ثم أن بعض علمائنا لم يحتجوا به في كتبنا الفقهية ككتاب كفاية المراد و التنقيح و غيرهما
3-      محمد بن زياد : وهو مشترك بين عدة رجال و يحتمل أنه البزاز و بياع السابري وهو مجهول الحال ومن هذه تكفي القدح في السند
أما مضمون الرواية فهو نفس الكلام في الرواية ا لأولى
الرواية الرابعة :   دعائم الإسلام
قال علي عليه السلام : يا أهل الكوفة لا تزوجوا الحسن فإنه رجل مطلاق
المناقشة :
1-      من ناحية السند هي مرسلة فلا تكون حجة
2-      اختلاف علمائنا حول كتاب دعائم الإسلام : هل هو من الشيعة ؟ وعلى فرض أنه من الشيعة فلا يوجد لدينا سند إلى كتاب الدعائم
3-      الكلام في المضمون نفس السابقة
الرواية الخامسة : كتاب قوت القلوب لأبي طالب المكي ( توفي 383او386هـ)
أنه (الحسن) تزوج مائيان و خمسون امرأة وقد قيل ثلاثمائة ، وكان علي عليه السلام يضجر من ذلك فكان يقول في خطبته :
إن الحسن مطلاق فلا تنكحوه ، فقال له رجل من همدان  :  والله يا أمير المؤمنين لننكحنه ما شاء ، فمن أحب  أمسك و من كره فارق ، فسر علي بذلك فقال :
و لو كنت بوابا على باب جنة        لقلت لهمدان ادخلوا بسلام
وهذا أحد ما كان الحسن يشبه فيه رسول الله وكان يشبهه في الخلق و الخُلق ، فقال رسول الله أشبهت  خلقي و خُلقي وقال : حسن مني وحسين من علي ، وكان الحسن ربما عقد له على أربعة  وربما طلق أربعة  .
المناقشة :
1-      صاحب كتاب قوت القلوب قالوا أنه ألف كتابه و هو مجنون ، ثم انه كان يبيح  سماع الغناء ، و هو صاحب المقولة الشنيعة : ليس على المخلوقين بأضر من الخالق ، و هو من أهل السنة ، و روايته لم يذكر لها سند
2-      العدد الضخم 250-300ناقشنا سابقا إلا أن يبقى لأبي طالب أن يعطينه الدليل أن يذكر لنا أسماؤهن
3-      كثرة الزوجات تدل على كثرة الأصهار و الأولاد والذي يطالع كتاب المحبر لأبي جعفر محمد بن حبيب (توفي 245هـ)متخصص في أمثال هذه البحوث – و يكتب الكثير من النوادر فقط  يذكر للإمام المجتبى أربعة أصهار وهم :
 الإمام زين العابدين عليه السلام وعنده أم عبد الله                                                                                       - عبد الله بن الزبير وعنده أم الحسن      
   - عمرو بن المنذر وعنده رقية                                                                                                              - عمر بن الإمام زين العابدين وعنده أم سلمة
4-      يقول :   وهذا أحد ما كان الحسن يشبه فيه رسول الله وكان يشبهه في الخلق و الخُلق
إذا كان يقصد بعدد الزوجات فهذا صحيح لأن الإمام الصادق عليه السلام قال : تزوج رسول الله بخمس عشرة امرأة ودخل بثلاث عشرة منهن و قبض عن تسع
أما إذا قصد كثرة الزواج و الطلاق فهذا ليس صحيح لرواية الإمام الصادق عليه السلام السابقة
أما الثلاث عشرة اللاتي دخل بهن الرسول صلى الله عليه و آله :
أ‌-        خديجة بنت خويلد
ب‌-    سودة بنت قيس
ت‌-    أم سلمة هند بنت أبي أمية
ث‌-    عائشة بنت أبي بكر
ج‌-      حفصة بنت عمر بن الخطاب
ح‌-      زينب بنت خزيمة
خ‌-      زينب بنت جحش
د‌-       أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان
ذ‌-       ميمونة بنت الحارث
ر‌-      ريحانة بنت زيد
ز‌-      جويرية بنت الحارث
س‌-    صفية بنت حيي بن أخطب
ش‌-    زينب بنت عمير
أما مطلاقاته صلى الله عليه و آله لم يذكر لنا التاريخ سوى ثلاث أو  أربع و هن :
أ‌-        سناة من بني عامر بن صعصعة : كانت جميلة فلما حضرت عند الرسول قالت أعوذ بالله ، فطلقها
ب‌-    امرأة من كندة بنت أبي الجون : طلقها الرسول ولم يدخل بها عندما قالت حين وفاة إبراهيم ابن النبي ، لو كان نبيا ما مات ابنه
ت‌-    فاطمة بنت الضحاك : لما خير نساؤوه في قوله تعالى : " قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتهن فتعالين أمتعكن ...الأحزاب28-29"فاختارت الدنيا وقالت أنا الشقية
ث‌-    عالية بنت ظبيان : تزوجها الرسول وطلقها حين أدخلت عليه
أذن كيف نوفق المشابه و الموافقة بين الإمام الحسن وجده المصطفى صلى الله عليه و آله
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
*لا بد أن نعرف بعض الملاحظات :
     1- أن الأمام عليه السلام ونهي الأمير عن زواج الإمام الحسن كله في عهد خلافته الخمس سنين التي انشغل صلوات الله عليه وسلامه في إطفاء الفتن و الحروب التي نزفت دماء الكثير
2-      معرفة الحسن الزكي عليه السلام وزهده وعباداته التي تبين بعده عن ملذات الدنيا
3-      الندرة جدا بأن الإمام كان يتزوج أربع نساء دفعة واحدة
4-      لو كانت لأمير المؤمنين النواهي عن تزويج الحسن لا تخذها الأمويين ذريعة في التشهير به وهم الذين حاولوا و استطاعوا إلصاق التهم عن طريق الأحاديث الموضوعة على لسان النبي صلى الله عليه و آله  
5-      أول من أشاع هذه الفرية هو أبو جعفر المنصور الخليفة العباسي وعنه أخذ أصحاب الأهواء و السبب في ذلك هو أن أغلب الثورات ضد الحكم العباسي و التي كاد أن يطيح بحكمهم هم الحسنيون ، عندما ألقى القبض على عبد الله بن الحسن فقام المنصور خطيبا بالسب و الشتم لعلي بن أبي طالب و لأولاده ثم تكلم في الحسن وقال كما في مروج الذهب للمسعودي :"فو الله ما كان رجل ، عرضت عليه الأموال فقبلها ودس إليه معاوية أني أجعلك ولي عهدي ، فخلعه و انسلخ له مما كان فيه و سلمه إليه ، و أقبل على النساء يتزوج اليوم واحدة و يطلق غدا أخرى ، فلم يزل كذلك حتى مات على فراشه
وبهذه الفرية يبين لنا المنصور أنها كانت بعد صلح الإمام الحسن و بعض المفترين حتى يلصقوا التهمة جعلوا الأمير عله السلام يتضجر
6-      من المستشرقين من استفاد من هذه التهمة وهو "لا منس": الذي يقول أن الحسن أنفق خير سني شبابه في الزواج و الطلاق ، و يقول: أنه مبذر و مسرف و قد خصص لكل من زوجاته مسكنا خدم و حشم  وهكذا نرى كيف يبعثر المال أيم خلافة علي التي اشتد عليها الفقر
وهذا الكلام باطل حتى لو لم يراجع أحد كتب التاريخ ، وأما كلامه عن الفقر في زمن الأمير يكفي " أن الرجل يطوف بصدقاته فلا يجد من يأخذها منه لعدم وجود مستحق لها
7-      طبعا في الختام أشكر الله تعالى ثم أشكر سماحة السيد صاحب الكتاب على جهده الذي يبذله في خدمة دينه
8-      السلام على الحسن المسموم و على أخيه المظلوم الشهيد ، و على أمهما الصديقة الطاهرة و على بعلها الوصي البار ، و على سيدهم و سيدنا الرسول المعظم صلى الله عليهم أجمعين
.......................................................................................................................................وصف الكتاب :
تأملات تاريخية
دراسة موجزة حول قضية كثرة طلاق الإمام الحسن المجتبى عليه السلام
مؤلفه السيد عبد الله هاشم العلي
الطبعة الأولى – 1420هـ
عدد الصفحات 253


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق